منوعات

عجوز ثلاثينية – كتبت : فاطمه ابو النصير.

عجوز ثلاثينية

كتبت : فاطمه ابو النصير.

أنا عجوزٌ في الثلاثين
شعري ما زال أسودً
لكن روحي شابتْ من ثِقَل الذكرياتِ
أحملُ على ظهري مقابرَ من الخيباتِ
وأمشي كأرملةٍ لم تتزوج يومًا
كمدينةٍ بُنيت للفرح
ثم سكنها الخرابُ

في الليلِ
أسمعُ صرير أعمارٍ فاتتني…
أشعرُ أن كل سنةٍ سكنتني مرتين
وأن قلبي صار مخزنًا للخذلانِ
أفتحُه فيخرج منه الغبارُ
بدلًا من الأحلامِ

يقولون: ما زلتِ في ربيعك
وأنا أضحك بمرارةٍ
أي ربيعٍ هذا؟
والأرض داخلي جرداء
والأزهار تنبت على قبورٍ لا يزورُها أحدً

أنا عجوز ثلاثينية…..
أُجيد إخفاء انهياراتي
بأحمر شفاهٍ رخيصٍ
وأغطي موتي الصغيرُ
بضحكةٍ تُشبه فتحة جرحٍ في وجهٍ جميلٍ

أعرف أن الأوطان قد تخون…
وأن الأحبة يبيعون….
وأن الأمان مجرد وهمٍ….
يُغني به الناسُ أنفسهم
قبل النومِ

أبحثُ لا عن الفرحِ
فالفرح طائرً مرَ من نافذتي ولم يعد…
بل عن راحةٍ…
عن نومٍ بلا كوابيسٍ..
عن صدرٍ لا يطردني…
حين أضع عليه رأسى…

صرتُ أُجيد الصمت
أُجيد الانسحاب من الضجيج
أُجيد الابتسام بوجهٍ مكسور
كتمثالٍ يتصدّع من الداخل
ويظل واقفًا كي لا ينهار ما وراءه

أنا عجوزٍ ثلاثينية
تعلمتُ أن الوحدة وطن…
وأن القلب لا يُعطى إلا مرةً
فإن أُهدر…
يصير مجرد حجرٍ
يحمله الجسد كعبءٍ أبدي

لا أريد حياةً صاخبة
ولا أحلامًا كبيرة
يكفيني أن أجد إنسانًا واحدًا
يقرأ ندوب قلبي كما تُقرأ القصائد
ويحبني كما أنا
لا كما يريد أن أكونُ

أنا عجوزٍ ثلاثينية…
أمشي على أرضٍ من الشوكِ
وأحمل في جيبي بقايا أغنياتٍ
وأكتب شعري
كوصيةٍ تُترك للغريبِ
ليعرف أنني كنت هنا…
أنني قاومتُ….
أنني عشتُ رغم الخرابِ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى