مقالات

عيد متحف الإسكندرية القومي.. حين يصبح القصر ذاكرة مدينة

عيد متحف الإسكندرية القومي.. حين يصبح القصر ذاكرة مدينة

 

بقلم د. هدى الساعاتي

 

تحتفل الإسكندرية في كل عام بعيد متحفها القومي، ذلك الصرح الثقافي الفريد الذي يجمع بين فخامة العمارة الأوروبية وروح الحضارة المصرية العريقة. لم يعد هذا المبنى مجرد قصر جميل يتوسط شارع فؤاد التاريخي، بل تحول إلى شاهد حي على آلاف السنين من التاريخ، وحارس لذاكرة مدينة عُرفت بأنها ملتقى الحضارات ونافذة مصر على البحر المتوسط.

 

من قصر تاجر إلى متحف عالمي

 

يرجع تاريخ المتحف إلى بدايات القرن العشرين، حيث شيّد القصر التاجر الثري “أسعد باسيلي” في أرقى أحياء الإسكندرية، بطراز معماري مميز يجمع بين الطابع الإيطالي والفخامة الكلاسيكية. وبعد عقود، انتقلت ملكية القصر إلى الدولة، ليتحول في عام 2003 إلى متحف قومي للإسكندرية.

اليوم يضم المتحف قطعًا أثرية نادرة تغطي حقبًا تاريخية متعددة، تبدأ من العصور الفرعونية مرورًا باليونانية والرومانية، ثم القبطية والإسلامية، وصولًا إلى العصر الحديث. هذا التنوع جعل من المتحف بانوراما حيّة تسرد قصة مصر في أزمنة متعاقبة، وتضع بين أيدي الزائر رحلة حضارية لا مثيل لها.

 

أقسام المتحف.. رحلة عبر العصور

 

جاء تصميم المتحف ليأخذ الزائر في جولة متدرجة عبر الزمن، حيث ينقسم إلى عدة أقسام رئيسية:

 

القسم الفرعوني: يضم آثارًا من تماثيل ومجوهرات وبرديات وأدوات جنائزية تعكس حضارة مصر القديمة.

 

القسم اليوناني – الروماني: يعرض تماثيل رخامية وبرونزية وعملات، إضافة إلى آثار غارقة تؤكد على الدور الحضاري للإسكندرية كعاصمة للعالم الهيليني.

 

القسم القبطي: يبرز الفن القبطي من خلال الأيقونات والنقوش والأواني، توثيقًا لدور الإسكندرية كمركز روحي.

 

القسم الإسلامي: يضم نماذج من فنون العمارة الإسلامية والمسكوكات والمخطوطات، مع إبراز ملامح العصور الفاطمية والمملوكية والعثمانية.

 

قسم العصور الحديثة: يقدم مقتنيات من القرن التاسع عشر والعشرين تعكس حياة الطبقة الأرستقراطية والأسرة الحاكمة وأساليب الحداثة في المجتمع السكندري.

 

 

بهذا التوزيع يصبح المتحف رحلة متكاملة تبدأ من أقدم العصور وتنتهي بالحاضر، ليُعرّف الزائر على حضارة مصر في صورتها المتواصلة دون انقطاع.

 

“أسرار المدينة الغارقة”.. معرض استثنائي

 

وفي تجربة فريدة من نوعها، يستضيف متحف الإسكندرية القومي ابتداءً من هذا الأسبوع المعرض الاستثنائي “أسرار المدينة الغارقة”، الذي يكشف عن مجموعة نادرة من الآثار يتم عرضها لأول مرة في مصر، بعد أن جابت كبرى المتاحف الأوروبية في جولات عالمية لاقت إقبالًا واسعًا.

 

يمثل هذا المعرض نافذة حيّة على كنوز البحر المتوسط، حيث يروي تاريخ الإسكندرية الغارقة وأساطيرها عبر تماثيل ضخمة، عملات ذهبية، أدوات ملاحية، وقطع معمارية مميزة كانت مطمورة في أعماق البحر لقرون طويلة قبل أن يتم الكشف عنها خلال بعثات أثرية مشتركة بين مصر ومعاهد بحثية دولية.

 

ولم يقتصر دور المعرض على عرض القطع الأثرية فحسب، بل صُمم ليقدم للزائرين تجربة تفاعلية باستخدام تقنيات عرض حديثة تشمل شاشات رقمية وخرائط ثلاثية الأبعاد تحاكي غرق المدينة القديمة وتوضح تفاصيل مواقع الاكتشافات البحرية.

 

الفناء في العطاء.. المتحف ودوره المجتمعي

 

لم يتوقف دور المتحف عند كونه معرضًا للآثار، بل أصبح مركزًا للتنوير الثقافي والتعليم المجتمعي. على مدار أعوامه نظم المتحف ندوات ومحاضرات وورش عمل، استهدفت الأطفال والشباب لتعريفهم بالتراث بأسلوب مبسط، كما احتضن معارض مؤقتة وفعاليات فنية للتقريب بين الماضي والحاضر.

وبفضل موقعه المميز وثراء مقتنياته، ساهم المتحف في دعم السياحة الثقافية في الإسكندرية، حيث يستقبل الزائرين من مصر ومختلف دول العالم، ليكون جسرًا للتواصل بين الثقافات، وسفيرًا للحضارة المصرية أمام العالم.

 

المتاحف في مصر.. حراسة الذاكرة وبناء الهوية

 

تمثل المتاحف المصرية ركيزة أساسية في الحفاظ على التراث، فهي ليست مجرد جدران تضم قطعًا أثرية، بل مؤسسات حيّة تنقل للأجيال القادمة قيمة ما تركه الأجداد من حضارة. فالمتاحف تعزز الانتماء الوطني، وتعمل على رفع الوعي المجتمعي بأهمية الهوية الثقافية، كما تُسهم في الاقتصاد عبر تنشيط السياحة الثقافية.

ومن القاهرة إلى الأقصر، ومن الإسكندرية إلى العريش، تُشكل المتاحف شبكة متكاملة لحفظ التاريخ المصري عبر العصور، بحيث يصبح كل متحف حلقة في سلسلة ممتدة تؤكد أن مصر هي متحف مفتوح للعالم كله.

 

عيد متحف الإسكندرية القومي.. رسالة واحتفال

 

الاحتفال بعيد متحف الإسكندرية القومي ليس مجرد ذكرى سنوية، بل هو تأكيد على أن الثقافة والفنون والتراث هي القوة الناعمة لمصر، ورسالة بأن الإسكندرية ما زالت منارة للتنوع والحوار الحضاري.

وفي هذا العيد، تتجدد دعوة المتحف لكل زائريه: أن التاريخ ليس ماضيًا بعيدًا، بل هو حاضر حي نتعلم منه ونبني عليه مستقبلًا أكثر وعيًا وإشراقًا. فالمتحف يظل نافذة مفتوحة على ذاكرة الإسكندرية، وواحة للعطاء المتجدد في خدمة التراث والإنسانية.

 

و أخيرا : 

 

و في اخر المقال 

شكرا جزيلا لكتيبة متحف الإسكندرية القومى 

د. أشرف القاضى مدير المتحف 

ا. هبه القصبي نائب المدير

ا. أحمد توفيق وكيل الشؤن الأثرية 

ا.إيمان فكري مسؤل التسويق 

ا. نجوان صلاح مسؤل العلاقات العامة 

و مسؤلو المتحف 

– قسم التسويق 

– قسم العلاقات العامة 

– الامناء الأثريين

– أمن المتحف

– السادة الفنيين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى