حيت يصوت الوعي .. انتخابات الشيوخ 2025 تؤسس لمرحلة جديدة

حيت يصوت الوعي .. انتخابات الشيوخ 2025 تؤسس لمرحلة جديدة
بقلم: د. هدى الساعاتي
المشهد الانتخابي في انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2025 رسم ملامح مرحلة جديدة في الحياة السياسية المصرية، حيث لم يكن مجرد تصويت روتيني أو إجراء دستوري، بل كان انعكاسًا لوعي شعبي متنامٍ ورغبة في إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس من المشاركة، والتنوع، والعمق التشريعي.
– مجلس الشيوخ… ضرورة لا رفاهية
يُعد مجلس الشيوخ الغرفة الثانية للبرلمان المصري، ووجوده لا يمثل ازدواجًا تشريعيًا كما يتصور البعض، بل يُعزز من جودة التشريعات ويعمق النقاش حول السياسات العامة. المجلس يضم كفاءات وخبرات من مختلف القطاعات، قادرة على دراسة القوانين برؤية استراتيجية طويلة المدى، وتقديم الرأي المتخصص في قضايا الوطن، ما يجعل منه عقلًا تشريعيًا استشاريًا للدولة.
– صندوق الانتخاب… لحظة وعي
ارتفاع نسب المشاركة الشعبية – خاصة من الشباب والمرأة – يؤكد أن هناك يقظة سياسية في الشارع المصري، ولم يكن الإقبال الكبير مجرد حشد لحظي، بل نابع من شعور المواطن أن صوته يحدث فرقًا، وأن المجلس القادم معني بقضاياه، وهمومه، ومستقبله.
وهنا لا يمكن إغفال الدور الذي لعبه الإعلام الوطني في تحفيز المواطنين على المشاركة، من خلال التغطيات المستمرة، والبرامج التوعوية، وإبراز أهمية الغرفة الثانية. ورغم بعض الملاحظات، فإن الإعلام التزم – في مجمله – بالموضوعية، وفتح المجال أمام كافة الأطراف للتعبير عن رؤاهم.
– بين النواب والشيوخ… اختلاف الوظيفة لا القيمة
كثير من المواطنين ما زالوا يخلطون بين اختصاصات مجلس النواب ومجلس الشيوخ، رغم وضوح التمايز:
– مجلس النواب هو المعني بالرقابة والمحاسبة وسنّ القوانين.
– أما مجلس الشيوخ فهو مجلس “رأي ومشورة” يعيد صياغة القوانين الكبرى من زاوية الخبرة والتخصص، ويشارك في دراسة الاتفاقيات والسياسات العامة، دون أن يكون له صلاحيات تنفيذية مباشرة.
– تحديات جسيمة تنتظر الشيوخ
المجلس الجديد أمامه ملفات غاية في الأهمية، أبرزها:
– تطوير منظومة التعليم والبحث العلمي
– إعادة النظر في السياسات السكانية
– دعم مسار العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة
– صياغة تشريعات تواكب التحول الرقمي والمجتمع الذكي
– أولوية لا تحتمل التأجيل
الحوار الوطني الحقيقي لابد أن يتصدر المجلس القادم ملف الحوار المجتمعي الحقيقي، فلا شرعية لأي سياسة عامة دون مشاركة المواطن في صنعها، ولا يمكن لأي قانون أن يحقق الاستقرار ما لم ينبثق من إرادة شعبية واعية.
– إلى من لم يشارك… الفرصة ما زالت قائمة
– رسالتي لمن اختار أن يكون على الهامش:
صوتك ليس رفاهية، بل قوة تصنع التغيير، ومَن لا يشارك في رسم السياسات، لا يحق له الاعتراض على نتائجها. كما أن التعامل مع المجلس الجديد يجب أن يكون بروح النقد البناء، والمساءلة، والتفاعل، لا التفرج والتذمر.
– وأخيرًا…انتخابات مجلس الشيوخ 2025 ليست مجرد صفحة تُطوى، بل مقدمة لفصل جديد من التشاركية والشفافية وبناء المؤسسات. أمامنا طريق طويل، لكن البداية تبشّر بوطن يُكتب بتعدد الأصوات لا بصوتٍ واحد.