جسر حضاري بين الشرقين: إشادة بعملين علميين يربطان مصر والصين عبر التاريخ والفكر

جسر حضاري بين الشرقين: إشادة بعملين علميين يربطان مصر والصين عبر التاريخ والفكر
بقلم : د. هدى الساعاتي
في زمن تتزايد فيه الحاجة إلى تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب، يأتي إصدار كتابين علميين مشتركين بين معالي القنصل الصيني بالإسكندرية السيد يانج يي والأستاذة الدكتورة سحر سالم، أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية بكلية الآداب – جامعة الإسكندرية، ليمثل محطة مهمة في مسار التقارب الحضاري بين مصر والصين، وجهود إعادة اكتشاف الروابط التاريخية والفكرية بين الثقافتين.
الكتاب الأول: “تاريخ الصين والاستعراب الصيني ومقارنته بالاستشراق الغربي حتى العصر الحديث”
هذا العمل الرصين يُعد دراسة فريدة في بابها، إذ لا يكتفي بسرد تاريخ الصين العريق، بل ينفذ إلى أعماق التفاعل الفكري بين الصين والعالم العربي، عبر ظاهرة الاستعراب الصيني التي لا تزال مجهولة للكثيرين في الساحة الأكاديمية العربية.
ويبرز الكتاب الفارق الجوهري بين نظرة المثقف الصيني إلى الثقافة العربية والإسلامية، مقارنةً بنظرة المستشرق الغربي، خاصة في ضوء الإرث الكولونيالي والنزعة التفسيرية التي اتسم بها الاستشراق الأوروبي.
تتميز المقارنة بعمقها العلمي، وموضوعيتها، وباستعراضها مراحل تطور كل من الاستعراب والاستشراق حتى العصر الحديث، لتفتح نافذة جديدة لفهم الآخر دون أحكام مسبقة، ودون تحيّز.
الكتاب الثاني: “أضواء على العلاقات التاريخية والحضارية بين مصر والصين”
أما الكتاب الثاني، فيأخذ القارئ في رحلة طويلة وممتعة عبر الزمن، موثقًا لحلقات التواصل والتفاعل بين الحضارتين المصرية والصينية، من العصور القديمة، مرورًا بالعصور الإسلامية، وصولًا إلى العصر الحديث.
يركز الكتاب على البعد الإنساني والثقافي في العلاقات بين البلدين، من خلال التجارة، والرحلات، والترجمات، والتعاون الفكري، مما يعكس عمق الجذور المشتركة بين الشعبين، والتي لم تكن محصورة في السياسة أو الاقتصاد، بل امتدت إلى الفكر والدين والثقافة.
رؤية موحدة ورسالة سامية
ما يميز هذين العملين ليس فقط قيمتهما العلمية، بل تشاركية الرؤية بين الطرف الصيني والمصري، فكل من القنصل يانج يي والدكتورة سحر سالم قدما قراءة متكاملة، تعكس مدى الإيمان بقوة الثقافة كجسر للتواصل، وبأهمية البحث العلمي في خدمة الدبلوماسية الثقافية وتعميق الفهم بين الشعوب.
ختامًا
إن كتابي “تاريخ الصين والاستعراب الصيني” و**”أضواء على العلاقات التاريخية والحضارية بين مصر والصين”** لا يمثّلان مجرد إضافة للمكتبة الأكاديمية العربية، بل يشكلان نموذجًا حيًا لتعاون معرفي عابر للحدود، يجمع بين الدبلوماسية والثقافة، وبين البحث العلمي والتواصل الحضاري.
وتستحق هذه المبادرة المشتركة كل تقدير، لما تحمله من طموح نبيل نحو مستقبل من التفاهم والسلام والتكامل بين الحضارات.