Uncategorized

اضطرابات المزاج والتغيرات الهرمونية عند المرأة:

اضطرابات المزاج والتغيرات الهرمونية عند المرأة:

كتبت د / داليا خليل 

تمر المرأة خلال حياتها بمراحل جسدية ونفسية متغيرة، وكل مرحلة منها تحمل بصمتها الخاصة على المزاج والعاطفة وطريقة التفكير. فالجسد الأنثوي ليس مجرد نظام بيولوجي، بل هو لوحة متكاملة من التفاعلات الهرمونية التي تؤثر في المشاعر والحالة النفسية بشكل واضح.

 

٠٠٠ أولًا: ما معنى اضطرابات المزاج؟

 

اضطرابات المزاج هي حالات نفسية تتقلب فيها مشاعر الإنسان بين الحزن والفرح أو بين القلق والهدوء دون سبب واضح. عند النساء، هذه التقلبات ليست دائمًا ناتجة عن ضغوط الحياة فقط، بل كثيرًا ما تكون مرتبطة بتغيرات داخلية في الجسم، خاصة بالهرمونات مثل الاستروجين والبروجستيرون.

 

٠٠٠ ثانيًا: الهرمونات والمزاج… علاقة دقيقة جدًا

الهرمونات الأنثوية هي رسائل كيميائية تؤثر في الدماغ مباشرة، وخاصة في المناطق المسؤولة عن المشاعر والنوم والطاقة. فعندما يرتفع الاستروجين، تشعر المرأة بالنشاط والحيوية والتفاؤل، وعندما ينخفض، قد تشعر بالإرهاق، أو الحزن، أو التوتر دون سبب واضح.

أما البروجستيرون فهو هرمون “الهدوء”، يساعد على الاسترخاء والنوم الجيد، لكن انخفاضه يؤدي إلى العصبية الزائدة أو القلق المفاجئ.

 

 ثالثًا: مراحل الحياة وتغير المزاج

 

تمر المرأة بثلاث مراحل رئيسية من التغيرات الهرمونية، ولكل منها أثرها النفسي المختلف:

 

١ :. مرحلة المراهقة:

بداية الدورة الشهرية تكون بداية رحلة طويلة من التكيف النفسي. في هذه المرحلة، تكون المشاعر شديدة والحساسية عالية، لأن الجسم يتعلم التعامل مع تدفق الهرمونات لأول مرة. كثير من الفتيات يشعرن بالحزن أو القلق دون سبب، وهو أمر طبيعي ما دام لا يؤثر بشدة على الحياة اليومية.

 

٢: مرحلة ما قبل الدورة الشهرية:

قبل نزول الدورة بأيام، تنخفض نسبة الهرمونات فجأة، فتشعر بعض النساء بالعصبية أو الميل للعزلة، أو حتى البكاء بسهولة. هذا ما يُعرف بمتلازمة ما قبل الحيض (PMS).

وهي ليست ضعفًا نفسيًا، بل رد فعل بيولوجي طبيعي يمكن التخفيف منه بالراحة والدعم النفسي والتغذية المتوازنة.

 

 ٣ :مرحلة ما بعد الولادة وانقطاع الطمث:

بعد الولادة، تحدث تغيرات كبيرة في الهرمونات، ما يؤدي عند بعض النساء إلى ما يُعرف بـ اكتئاب ما بعد الولادة.

كما أن مرحلة سن اليأس أو انقطاع الطمث تحمل تحديات جديدة، إذ يقل إنتاج الهرمونات تدريجيًا، مما قد يسبب تقلبات في المزاج، أو قلة النوم، أو الشعور بالوحدة.

 

٠٠ رابعًا: الجانب النفسي والدعم العاطفي

 

من الناحية النفسية، تحتاج المرأة في هذه المراحل إلى تفهم من المحيطين بها أكثر من النصائح أو الانتقادات.

الوعي بأن المزاج ليس ضعفًا، بل انعكاسًا لتفاعل داخلي معقد، يساعد على تخفيف الشعور بالذنب أو الضغط.

كما أن التحدث مع مختص نفسي عند استمرار الحزن أو القلق لأسابيع أمر مهم، لأن الاكتئاب الهرموني يحتاج إلى دعم علاجي متكامل.

 

٠ خامسًا: كيف تحافظ المرأة على توازنها النفسي؟

 

ممارسة النشاط البدني بانتظام، مثل المشي أو اليوغا، لأنه يساعد الجسم على إفراز هرمونات السعادة.

 

تناول غذاء صحي متوازن، غني بالحديد والمغنيسيوم وأوميغا 3.

 

الحصول على قسط كافٍ من النوم.

 

الابتعاد عن المقارنة بالآخرين، والتركيز على الاستماع للجسد والمشاعر دون قسوة.

 

وأخيرًا، طلب الدعم النفسي عند الحاجة ليس ضعفًا، بل وعي وقوة.

 

٠٠٠٠خاتمة

 

اضطرابات المزاج عند المرأة ليست مجرد “مزاج متقلب” كما يظن البعض، بل هي انعكاس طبيعي للتغيرات الهرمونية التي تعيشها.

المرأة بطبيعتها كائن حساس ومتجدد، يتفاعل مع كل ما يجري داخلها وخارجها، ومعرفة هذا الجانب النفسي تساعدها على التقبل والهدوء بدل الصراع مع الذات.

فالوعي هو الخطوة الأولى نحو الاتزان… والمزاج المستقر يبدأ من فهم النفس لا من كبتها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى