العيد فرصة لنشر المحبة والسلام… العيد أيام سعيدة وذكريات جميلة…
كتبت مريم علي
يأتي العيد على للمسلمين بعد طاعة فالعيد الأضحى يأتي بعد عشر ذي الحجة ويوم عرفة الذي يقف فيه الحجيج على صعيد عرفة، ويصوم غير الحجيج في بلدانهم فيتشاركون في الفرح والأجر.و عندما يأتي العيد لإحياء ما انطمر من علاقات الناس، أو ما اضطرب منها، يحاول أن يجدد ما العلاقات المتوترة، أو المنقطعة من الأساس، لعام أو أعوام، يحل العيد ليوسع الآباء على أبنائهم في العطاء، ويلتفت الأغنياء على الفقراء فيوسعون لهم بالعطاء.
الصورة الحقيقية للعيد تكمن في الفرح، أن يفرح الإنسان مهما كانت ظروف الحياة قاسية، فإن لم يسعد الحال، فليسعد على أضعف الإيمان ، وليكن لسان حالنا مليء بالفرح، رغم أن ظروف امتنا وواقع مجتمعنا متراكمة فيه النكبات وخيبات الأمل، ولكن العيد جاء برسالة راقية عظيمة، جاء ليحيي في الإنسان رغبة الحياة وتجديدها، وكأنك ترى الحياة تبتسم بكل تفاصيل من فرحة الأطفال بالألعاب، إلى ظهور الفتيات الجميلات بالابتسامة الهادئة العفيفة، إلى بهجة الأب والأم وهم يرون السرور على محيا أبنائهم.
لتكن هذه الأيام صلة رحم ودعوة لتحقيق حلم، وإعادة علاقة قتلها البرود إلى الحياة من جديد، تصالحوا مع العيد، واجعلوه للأحياء، ولا تنسوا فيه الأموات من الدعوات
من صور العيد الإيجابية أن نقبل على الأيتام فنخفف عنهم ونمسح على رؤوسهم ونعوضهم عما فقدوه من حنان ، ونشعرهم بدعم الفقدان، ونجوب بيوت النساء المعولات ونوسع لهن بالعطاء كي يعيشوا فرحة العيد وإن كانت ناقصة، بقسوة الايام عليها رغم محاولتها البقاء ، لكنهم عاشوها ودفعوا ضريبتها، من أموالهم وأهليهم، وان نحمل أنفسنا لنقصد بيوت الشهداء ونزور آباءهم، لنقول لهم أن ذهب لكم ولد واحد فها نحن كلنا أولادكم، نملئ هذا الفراغ الحاصل في حياتهم، فالأم في العيد تستفقد ولدها الذي كان أول من يعانقها ويهنئها بالعيد ويدعو لها ويتمنى لها الأمنيات، وهي تنظر له نظرة الحب والحنان، راجية أن تفرح به في الأعوام القادمة فتراه عريساً أو خريجاً في العيد القادم، لا تدري بأن أصابع القدر كانت تطوف حوله لتختطفه منها فيكون فقيدها في العيد.
ومن ناحيه أخرى انتشرت في مجتمعاتنا على مدار العقود الماضية فقد تحول الأحياء في العيد من الاهتمام بالأحياء أمثالهم إلى العناية بالأموات وزيارتهم، بل يقيم البعض مجلس عزاء عند أول عيد للميت، تجديد للحزن ونشر الحزن في غير وقته ومناسبته، ويتوافد الناس على المقابر كتوافد الحجيج على الشعائر، ولَم أكن أعلم أن حجم الناس مخيف ومهول في العيد، في المقابر إلا قبل ما رأيت بعيني قصدت المقابر مع عائلتي بعد وفاه والدي بعد صلاة العيد، الحشود المتجمهر حول القبور، لو توجهت إلى بيوت أهلها وأقربائها، لرأيت انسجاماً وإصلاحاً مجتمعياً يتكفل به العيد، فيكون العيد بمعناه الحقيقي، فيعيد للعلاقات المضطربة نصيبها الحقيقي، فتعود المودة، والمؤلم في المشهد، لو التفت إلى أهل القبور، لقالوا لك: والله كنّا في الدنيا أحياء ننتظر زيارتهم ومجيئهم في مثل هذه الأيام، فلا نحفل بأحد، نقضي العيد بمفردنا، نتعايد مع جدران المنازل، ونسلم على أزقة الحي، كم مكث الرجل الطاعن في السن ينتظر زيارة أخيه ولَم يزره، وكم انتظرت الأخت في حياتها أن يقصدها أخيها فلم يقصدها، وكم بقي الابن يتأمل من أبيه وأهله خيراً، فلم يحصل على شيء، لطالما حدثهم عن أحلامه فلم يجد اهتماماً ولا مراعاة، لماذا نكون محل اهتمام بعد رحيلنا، الاهتمام الحقيقي هو في الحياة، أن نكون محل عناية ورعاية من الأحياء، وعند الموت لا نريد أن يزورنا الذي لم يكن يهتم بِنَا في الدنيا.
إن الاهتمام بالأحياء وزيارتهم وإدخال السرور على وجوههم في هذه الأيام، هو واجب الوقت في هذه الأيام، وكما يحرم الصوم في أيّام العيد يحرم زيارة غير الأحياء، ويحرم الحديث عن غير الأمل، ويكره الحديث عن الماضي الحزين، لتكن هذه الأيام صلة رحم ودعوة لتحقيق حلم، وإعادة علاقة قتلها البرود إلى الحياة من جديد، تصالحوا مع العيد، واجعلوه للأحياء، ولا تنسوا فيه الأموات من الدعوات، وللأحياء تبادل المودة والزيارات.
